التقييمات المزيفة: خطر متزايد في عصر الذكاء الاصطناعي
يشير خبراء وجماعات مراقبة إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل "تشات جي بي تي" الذي طورته شركة OpenAI، قد أسهمت بشكل ملحوظ في انتشار التقييمات المزيفة على الإنترنت. هذه التقييمات باتت تُستخدم بشكل متزايد لتضليل المستخدمين، سواء بدفعهم نحو شراء منتجات معينة أو بإبعادهم عن منتجات المنافسين.
كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في إنشاء التقييمات المزيفة؟
تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي للمحتالين إنتاج عدد كبير من المراجعات بسرعة وبأسلوب منظم، ما يسهل خداع المستهلكين على منصات مثل Facebook Reviews ومواقع التسوق الإلكتروني. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك بوست، فإن هذه الأدوات أصبحت تُستخدم بشكل متزايد منذ منتصف عام 2023، حيث رصدت شركة Transparency Company تضاعف عدد التقييمات المزيفة المنشأة بالذكاء الاصطناعي خلال هذه الفترة.
أرقام مثيرة للقلق
في تحليل أجرته شركة Transparency Company شمل 73 مليون تقييم ضمن قطاعات الخدمات المنزلية والقانونية والطبية، تبين أن نحو 14% من هذه التقييمات قد تكون مزيفة. وأكد التقرير أن 2.3 مليون من هذه التقييمات أُنشئت بالكامل أو جزئيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي.
شركة DoubleVerify، المتخصصة في البرمجيات، أبلغت هي الأخرى عن زيادة ملحوظة في التقييمات المزيفة المتعلقة بتطبيقات الهواتف الذكية والتلفزيونات الذكية، والتي غالبًا ما تُستخدم لخداع المستخدمين لتثبيت تطبيقات ضارة أو مشاهدة إعلانات غير مرغوب فيها.
التدخلات القانونية
في سبتمبر الماضي، رفعت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية دعوى قضائية ضد شركة Rytr، التي تقدم خدمات كتابة مدعومة بالذكاء الاصطناعي. واتهمتها اللجنة بالمساعدة في إنتاج تقييمات احتيالية تؤثر سلبًا على الأسواق. تأتي هذه الخطوة في ظل حظر اللجنة لبيع أو شراء التقييمات المزيفة.
هل يمكن اكتشاف التقييمات المزيفة؟
رغم صعوبة التمييز بين التقييمات الحقيقية والمزيفة، إلا أن هناك بعض العلامات التي يمكن للمستهلكين الانتباه إليها، منها:
- الإفراط في الإيجابية أو السلبية.
- التكرار المفرط لاسم المنتج أو رقم الطراز.
- النصوص المنظمة بدقة والمليئة بعبارات عامة غير محددة.
الذكاء الاصطناعي: أداة مزدوجة الاستخدام
من المهم الإشارة إلى أن التقييم المكتوب باستخدام الذكاء الاصطناعي ليس بالضرورة مزيفًا. فبعض المستهلكين، خصوصًا غير الناطقين بالإنجليزية، قد يستخدمون هذه الأدوات للتأكد من كتابة تقييمات دقيقة تعبر عن تجاربهم الحقيقية.
انتشار المراجعات المزيفة: خطر متزايد يهدد مصداقية المنصات الكبرى
أعلنت مجموعة ويتش البريطانية، المعنية بحماية حقوق المستهلك، عن تنامي صناعة ضخمة للمراجعات المزيفة المدفوعة التي باتت تخترق منصات رئيسية مثل غوغل، فيسبوك، وتراستبايلوت. وكشفت المجموعة أن هذه التوصيات المزيفة أصبحت وسيلة سهلة للتلاعب بآراء المستهلكين وتعزيز سمعة المنتجات والخدمات بشكل غير مشروع.
تحقيق يكشف النقاب عن صناعة مربحة في صناعة التقييمات الميفة.
كجزء من تحقيق أجراه فريق ويتش، تمكنت المجموعة بسهولة من استخدام وسيط متخصص في المراجعات المزيفة لتزويد شركة وهمية بعدد كبير من التقييمات الإيجابية عبر المنصات الثلاث الكبرى. وأوضحت المجموعة أن أحد الوسطاء أبلغها بأنه قام بإنشاء نحو 16 ألف مراجعة إيجابية لأكثر من 550 عميلاً حول العالم، مما يسلط الضوء على وجود قطاع نشط لا يزال يفتقر إلى الرقابة الصارمة من قبل الشركات التقنية الكبرى.
ردود الشركات الكبرى
من جانبها، صرحت غوغل بأن سياستها تُلزم أن تكون المراجعات مبنية على تجارب حقيقية. وأكدت الشركة أنها تستثمر في تطوير تقنيات متقدمة للكشف عن المراجعات المزيفة، بهدف مساعدة المستخدمين على الوصول إلى معلومات موثوقة عبر محرك البحث.
كيفية اكتشاف التقييمات المزيفة
وفي تعليق على الموضوع، أوضح المختص في التكنولوجيا الرقمية، جاد السليم، أن اكتشاف المراجعات المزيفة يمثل تحديًا كبيرًا، حيث يتطلب جهودًا بشرية وتقنية مكثفة.
وقدم السليم خطوات يمكن أن تساعد في الكشف عن التقييمات الكاذبة، منها:
- التحقق من هوية الحسابات: هل هي وهمية أم حقيقية؟
- تحليل التسلسل الزمني للتقييمات: وجود تقييمات إيجابية متتالية بعد تقييم سلبي قد يشير إلى أنها مدفوعة.
- مراجعة محتوى التقييم: اللغة شديدة الإقناع والخالية من الأخطاء قد تكون مؤشرًا على الخداع.
- استخدام الذكاء الاصطناعي: تطوير تقنيات لتحليل النصوص واكتشاف الأنماط المزيفة.
تأثير التقييمات على قرارات الشراء
وأشار السليم إلى أن 68% من المستهلكين يعتمدون على التقييمات عند اتخاذ قرارات الشراء أو زيارة متجر معين، ما يجعل المراجعات المزيفة خطراً كبيراً يؤثر على قرارات المستهلكين ويهدد نزاهة الأسواق. كما أضاف أن المراجعات تساهم في زيادة المبيعات بنسبة تصل إلى 18%، فيما 84% من المستخدمين يثقون بها، مما يعكس مدى تأثير هذه التوصيات على السلوك الشرائي.
الحلول المقترحة للحد من التفقييمات المزيفة.
للحد من انتشار المراجعات المزيفة، دعا الخبراء إلى تعزيز التعاون بين الشركات والمنصات التقنية، واستخدام الذكاء الاصطناعي المتقدم لتحليل التقييمات. كما شجعوا المستهلكين على التحقق من مصداقية المراجعات قبل الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات الشراء.